top of page
Online Education
بحث

العنف والتنمّر في مدارسنا: واقع التربية والتعليم

تاريخ التحديث: 4 ديسمبر 2021

يعاني واقع التربية في مجتمعنا ومؤسّساتِه من نكسة حقيقيّة حيث طغَتْ على المشهد التربويّ التعليميّ ظواهر مقلِقة مثلَ التعصّب والتمييز والعنف والتنمّر. تكاد لا تخلو مدرسة من مدارسنا من هذه الظواهر وقد تجاوزَت كلَّ الحدود في العامَين الأخيرَين، إِذ بالإضافة إِلى لجوء الإِدارات والطواقم التعليميّة انتهاج أُسلوب العنف كنوع من العقاب وكأَداة للردع والثواب (ويشمل التوبيخ الكلاميّ)، فإِنَّ ثقافة العنف قد بدأت بالتوسع في المدارس في غياب التربية الأَخلاقيّة المبنيّة على القِيم الإِنسانيّة والحقوقيّة في البيت وفي المدرسة وانفتاح الفضاء العالميّ والشبكات الاجتماعيّة وما فيها من نقل لثقافة العنف عبر وسائل الإِعلام المختلفة.


إِنّ العنف المدرسيّ بكافّة أَشكاله هو خرق لحقوق الأَطفال والبالغين الشباب في مجال التعليم والصحّة النفسيّة والرفاه الاجتماعيّ السليم (تقرير اليونسكو 2019). لِكي تُحرز الدول تعليمًا جامعًا وشموليًّا ومتساويًا في التربية والتعليم لكافّة مواطنيها، عليها أَنْ تهتمَّ بتطبيق سياسات واستراتيجيّات تختلِف عن السابق في مراقبة ممارسات العنف والتعنيف والتنمّر في المدارس ومحاسبتها حين تتجاهل هذه الممارسات بحجّة أَنَّ “لا تنمّر ولا عُنف في مدرَستي"!


قد يكونُ كلٌّ من العنفِ والتنمّر هدّامَينْ لكثير من ضحاياهُما. وقد يؤدّيان إِلى نتائج هدّامة منها صعوبات التركيز في الصفّ، التغيُّب عن المدرسة، تجنُّب كافَّة الفعاليّات المدرسيَّة وفي الحالات الشديدة التسيُّب وترك المدرسة. وقد سمعنا في الآونة الأَخيرة من بعض التقارير الإِخباريَّة أَنَّ التنَمُّر قد أَدَّى إِلى انتحار الضحيَّة !


تشير إِحصائيّات اليونسكو الأَخيرة إِلى أَنَّ واحدًا من بين ثلاثةِ طلَّاب قد اختبر شكلًا من أَشكال العُنف والتنمُّر في العام الأَخير من رفاقه أَو من الأَهالي أَو من قبل الطواقم التعليميَّة أَو حتَّى الإِدارات المدرسيَّة.


يتَّصف التنمُّر بالسلوك العنيف الذي يشمَل أَفعالا وتصرُّفات سلبيَّة غير مرغوب فيها تتكرَّر معَ الوقت كما يتَّصف باختلال التوازن في معايير القوى بين مرتكِب التنمُّر وبين الضحيَّة. أَمّا تعريفاته فهي كما يلي :


التنمُّر الجسديّ     Physical Bullying


ويشمَل التعدّي الجسديّ المتكرِّر مثل الضرب والأَلم المبرِح الناتج عنه، والركل والدفع وحجز الضحيَّة في أَماكن مغلقة ومعتِمة وسرقة أَو إِخفاء الممتلكات الشخصيّة أَو تخريبها وتدميرها، أَو الإِكراه والإجبار على ارتكاب أَفعال مؤذِيَة.




التنمُّر السيكولوجيّ النفسيّ   Psychological  Bullying


ويشمل الإساءة اللفظيّة والعاطفيّة والتهميش الاجتماعيّ واستعمال الأَلقاب المهينة والمشينة ضدّ ضحيّة التنمّر. وقد يشمل السخرية والإغاظة بطرق بغيضة أَو التجاهُل المطلَق والتهميش الاجتماعي أَو التعريض للإشاعات الكاذبة.


التنمّر الجنسيّ   Sexual Bullying and Harassment 


ويرجع إلى الاستهزاء بالضحية عن طريق المزاح الجنسيّ أَو الملاحظات أَو الإيماءات الجنسيّة المهينة.


التنمّر عن طريق الفضاء الإِعلاميّ المفتوح   Cyberbullying


ويشمل التنمّر والتعنيف عن طريق الرسائل المهينة في الواتسأب والانستغرام والإيميلات او إنشاء موقع على شبكة الانترنت يسعى إلى تشويه صورة الطالب أَو الطالبة (عادة تُقصَد البنات) عن طريق الصور المشوَّهة. كما ويأَتي التنمّر عن طريق الجهاز الخليويّ إِذ قد يزدري المتنمِّر بالضحيَّة عن طريق الرسائل الإِلكترونيّة أَو الفيديو كليب أَو حتّى الاتّصال المباشر ممّا قد يؤدي إِلى تشويه صورة وسمعة الضحيّة.


هناك أَسباب عديدة للتنمّر والعنف المدرسيّ. فالتنشئة السريّة الخاطئة وانتشار العنف السريّ وعدم الاهتمام بالتربية الأخلاقيّة قد يكونا سببًا ذا دلالة عالية وواضحة لهذه الظواهر ممّا قد ينعكس سلبًا على سلوك البناء والبنات. وكما ذكرت سابقًا فإِنَّ للفضاء الإعلاميّ المفتوح وما فيه من نقل العنف عبر وسائل الإعلام المختلفة دورًا رئيسيًّا في إخراج السلوكيّات العنيفة لدى الأَطفال. كذلك فإنّه للعُنف المجتمعيّ بشكلٍ عامٍّ الأَثر السلبيّ على ثقافة الطالب وسلوكه، زد على ذلك انعدام نموذج القدوة في التعامل اليوميّ أَمام الطالب سواء كانَ ذلك في الأُسرة أَو في المدرسة.


كما وأَن للنهج المدرسيّ الخاطئ من قبل الإِدارة المدرسيّة والمدرِّسين في تعاملهم مع الطلّاب المخالفين دورًا كبيرًا في تعزيز ثقافة العنف والتنمّر. وتشير الدراسات عن التنمّر أَنّ عدم وجود أَنشطة لا-منهجيّة (extracurricular activities) داخل الصف وخارجه والتي تمتصّ طاقات الطلّاب وانفعالاتهم والروتين المدرسيّ المملّ وعدم التنويع والتجديد فيه قد يؤدّي إِلى زيادة السلوكيّات العنيفة والمشاغبات.


في المدارس التي فيها تتساهل الإدارات والطواقم مع حالات العنف والتنمّر بين الطلاب ولا تتواصل مع أَولياء هؤلاء الطلاب لإيجاد الحلول التربويّة لهذه الظواهر المتكرِّرة قد يزيد من حدّة الظاهرة إِلى حدّ جدّي وقد تُخلق أَزمة علاقة شديدة في غياب استراتيجيّات التدخّل أَو غياب أَو ضعف دور المرشد التربويّ في المدرسة.


يتوجّب على الإِدارات والطواقم التربويّة وعلى أَولياء الطلّاب تشجيع سياسة الحوار كأُسلوب تربويّ في البيت وكأسلوبٍ تعليميّ/تربويّ في المدرسة. وإنْ اكتُشفتْ حالات تنمُّر وعنف في المدرسة، يجب أنْ تتمَّ متابعتُها المستمرّة لمعرفة أَسبابها وتقديم الحلول الناجعة لها. كما وللإِدارة والطواقم التربويّة الحقّ بتبنّي سياسة الردع للطلّاب العنيفين والمتنمّرين في المدرسة. يكمن سرّ نجاح الحدّ من التنمّر والعنف في المدرسة من خلال التواصل الإيجابيّ الفاعل والمستمرّ بين المدرسة وأَهالي الطلّاب وتحاشي تجريمهم أَو توبيخهم وتهديدهم. كما ذُكر سابقًا، فإن للأَنشطة المدرسيّة المكثّفة الأَثر في التفريغ الإِيجابيّ لطاقات الطلّاب.


لقد كتب الكاتب الفرنسيّ المخضرم لافونتين ما يلي: “اللّطف يفعل أَكثر ممّا يفعل العنف: فلا عجب أَن نرى أَنَّ الناس الذين يحبّون أَنفسهم لا يؤذون الآخرين. فكلّما كرهنا أَنفسنا، أَردنا أَن يُعاني الآخرون".



 
 
 

Comments


logo_white.png

مركز الوردية التربوي 

مدرسة راهبات الوردية (الفرع الابتدائي)

شارع جعفر الصادق ١١, القدس.

هاتف: 5784114-02

educenter@rosaryshs-j.com

  • Facebook

Copyright © 2021 All Rights Reserved

bottom of page