top of page
Online Education
بحث

التربية الجنسيّة ودور الوالدين

تاريخ التحديث: 4 ديسمبر 2021

كثيرة هي الأسئلة التي يطرحها الأطفال على والديهم، عن الكون والحياة، بدافع المعرفة والاستطلاع والاستكشاف، ويُعدّ الجنس من الأمور الأساسيّة في حياة الطفل، والتي تُثير لديه أسئلة متنوِّعة لا يَجد لها جوابًا من تلقاء نفسه، فيلجأ إلى الكبار، وبشكل خاصّ إلى والدَيه ليأخذ منهما الإجابات التي يعتقد – بل يفترض أَنّها - صحيحة، وتزوّده بالمعارف والخبرات الّتي يبحث عنها للوالدَين دورٌ أَساسيّ في التربيّة الجنسيّة، لما لَهما منْ أَثر كبيرٍ في هذا المجال ... حيث تقع مسؤوليّة التربية الجنسيّة بالدرجة الأولى على عاتقهما ( للوالدَين )، فللأسرة دورٌ هامّ في التربية الجنسيّة الطفوليّة ولا سيّما الأَبوان بشكلٍ خاص.


 نعم، قد يستطيعُ الاختصاصيّون التربويّون والمعلِمون أَن يزوّدوا الأَطفال بالمعلومات الصحيحة، ولكن مهما كان قدر هذه المعلومات، فلا يكون له تأثير الوالدين نفسه.


فما هو موقف الوالدين من أسئلة أطفالهم الجنسيّة؟ وكيف يتَحتَّم عليهم أَنْ يجيبوا على هذه الأسئلة وبشكل مقنع ومُفيد،  حيثُ يسهم في تربية الطفل عامّة، وتطوير فهمه للجانب الجنسيّ خاصّة؟


قبل الخوض بالإجابة عن الأسئلة السابقة، يجب أَن نُعرّف التَّربية الجنسيَّة أَوَّلًا، حيث يمكن رؤيتها على أَنّها إمداد الفرْد بالمعلومات العلميَّة، والخبرات الصحيحة، والاتِّجاهات السليمة، إزاء المسائل الجنسيَّة، بقدر ما يَسمح به النموُّ الجسميّ الفسيولوجيّ والعقْليّ الانفِعاليّ والاجتِماعيّ، وفي إطار التَّعاليم الدينيَّة والمعايير الاجتِماعيَّة والقِيَم الأخلاقيَّة السَّائدة في المجتمع؛ ممَّا يؤدِّي إِلى حسن توافُقه في المواقف الجنسيَّة، ومُواجهة مشكلاتِه الجنسيَّة مواجهةً واقعيَّة، تؤدِّي إلى الصحَّة النفسيَّة.


وبِهذا المعنى فالتَّربية الجنسيَّة لا يُقصد بها تعْليم الجِنس؛ بل توجيه كِلا الجِنْسَين من منظور دينيٍّ وأخلاقي نحوَ المسائل الجنسيَّة، والتغيُّرات الجسميَّة التي يتفاجَأ بها أبناؤنا على حين غَفلة، والابتعاد عن التعلُّم الاعتباطيّ الكَيْفيّ عبر أَحد أصدقاء السُّوء، أو عن طريق التَّجارب الخاطِئة التي يَقع فيها أَولادُنا عندما نبتعِد عنهم.


اذاً، لا تنحصر التربية الجنسيّة على تزويد الفرد بالمعلومات العلميّة والخبرات في المسائل الجنسيّة، بل تتعدّاها إِلى بناء شخصيّة الفرد وهويّته الذاتيّة المتلائِمة مع المجتمع. موضوع التربية الجنسيّة طُرح ونوقش في عدّة مجالات، حيث لاقى اهتمامًا دينيًّا، كذلك ولاقى اهتمامًا اجتماعيًّا وتربويًّا، وهذا يدلّ على أَهمّيّة هذا الموضوع وارتباطه بكافّة مجالات حياتِنا، وهذا يزيد من أَهمّيّته وأَنْ نسلِّط الضوء عليه.


هنالك من يرى بأَنّ التربية الجنسيّة تابعة للمجال الشخصيّ العائليّ، والتطرّق إِليه يختلف من عائلة إِلى أُخرى، وذلك تبعًا للخَلفيَّة العائليَّة وتوجّهات العائلة للعادات والتقاليد.


 ولكن هنالك كثير من الأهل يشعرون بالإحراج وعدم الجاهزيّة للحديث عن تلك الأُمور مع أَطفالهم، فلا يدخلون في كلِّ جوانب الحياة الجنسيّة في حديثهم معهم. فيلجأ الأَولاد لأصدقائهم، إخوانهم، إِلى المجلّات والتلفزيونات والإِنترنت للحصول على المعلومات، غالبًا ما تكون هذه المعلومات خاطئة أَو غير دقيقة أَو مربِكة وأَحيانًا يمكن أَنْ تكون مؤذية للصورة الذاتيّة لدى الطفل.


فما هو دور الوالدين في التربية الجنسيّة؟


يرتبط موضوع الجنس في أَذهان الكثيرين بالعيب والخطيئة والفضيحة، ويبدو وكأَنّه نقيض الشرف والأَخلاق. ومن هنا فهو يُستثنى من أَحاديثنا العائليّة خاصّة مع الأَطفال، ويكاد يقتصر استعمالُ المفردات الجنسيّة على النكات الجنسيّة أَو الأَحاديث السريّة بين أَبناء الجنس نفسه. إِنّ ارتباط الجنس بالعيب يُصعّب على الوالدَين القيام بدورهم التربويّ ومرافقة وتوجيه أبنائهم وبناتهم خلال مراحل نموّهِم الجنسيّ. لذلك، قبل الحديث مع أطفالِنا عن الجِنس عليْنا الحديث مع أَنفسِنا من أجل عبور الحواجز النفسيّة الّتي تُربِكنا إبان طرق هذا الموضوع.


لذا يجب أَنْ يكون الحديث عن الجنس جزءًا طبيعيًّا من الحديث والتعامل مع الجسد ومع الأحاسيس. يجب أَن يتميّز الحديث بالتقبّل والفرح لهذا التطوّر، عندها يتربّى الأَطفال على حبّهم لأَجسادهم واحترامهم لأَحاسيسهم، بدلًا من الخوف أو الخجل أَو الشعور بالذنب، الذي من شأنه إحداث اضطراب في الأَداء الجنسيّ لاحقًا.


إِنّ السؤال الشائع الذي يطرَحُه الوالدين باستمرار هو: متى تبدأ التربية الجنسيّة؟


يجب أن تبدأ التربية الجنسية لدى بدء الحياة تقريباً، كما يجب اتباع الطرق العلمية والموضوعية، ويدّعي علماء النفس أَن سلوك الوالدَين هو الذي يؤثِّر على الطفل وليست أَقوالهم. وكذلك يجب أَنْ تكون التربية الجنسيّة عمليّة مستمرّة لا تقتصر على سنٍّ معيّنة، بل تَبدأ منَ الطفولة وتستمرّ خلالَها وفي مرحلة المراهَقة، وحتّى الرّشد وقبل الزواج وأَثنائه وبعده.


نصائح للأهل يجب أَخذها بعين الاعتبار أَثناء الحديث مع أَولادهم عن تساؤلاتهم عن التطوّر الجسديّ- جنسيّ:


الانفتاح والحوار كنمط شامل


إذا وفّرنا الجوّ الحواريّ فسيلجأ الطفل إلَيْنا في جميع الأحوال وعندها نستطيع التصحيح والتدقيق والتوجيه.


التحدّث بحبٍّ وبثقة


عندما نتحدّث مع أَطفالنا عن الجنس، عليْنا القيام بذلك بطريقة هادئة واثقة معَ كثيرٍ من الحبِّ دون خجل وتوتّرٍ. لكي يصلَ الأهلَ إلى ذلك عليهم تصليح الصورة المشوَّهة في أَذهانهم عن الجنس، بواسطة عمليّة تثقيف ذاتيّ، من خلال القراءة والحديث عن الموضوع مع الأصدقاء.


الإصغاء أَكثر منَ الحديث


عندما يجيء الحديث عن الجنس في أعقاب سؤال أَو سلوك للطفل، يفضّل إفساح المجال للأَطفال للتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم المتعلِّقة بالموضوع. يفضَّل أَنْ يَقوم الأَهل بتوجيه أَسئلة مثل: ماذا تعتقِد أَنتَ؟ ماذا شعرت عندها؟ ما الذي أَثار تَساؤلك؟ عندما نفسح المجال أَمام أطفالنا للتعبير، نحقّق عدَّة أَهداف عامَّة: أَوَّلا، نستطيع معرفة عالمهمّ الداخليّ ومن ثمَّ تصحيح التشويه الحاصل في معلوماتِهم أَو إكسابهم معلومات ومعرفة جديدة. ثانيًا، بعد أَنْ يرى الأبناء أَنَّنا أَصغَيْنا إِليهم بِاحترام، يكونون هنا على استعداد للإِصغاء إِلى أَهلهم باحترام.


الإجابة بالتدريج


يصعُب على الطفل في جيل الطفولة المبكِّرة إدراك مفهوم العلاقة الجنسيّة المعقَّدة. إِنَّ تطوُّر الإِدراك والفهم مرتبِط بتطوُّر القدرات العقليَّة والنضج. لذا من المهمّ أَنْ تلائم التربية الجنسيّة اهتمام الأَطفال وقدرتهم على الاستيعاب. أَي أَنْ نقدِّم المعلومات بشكلٍ تدريجيّ.


استعمال النبرة العاديّة واللغة الطبيعيّة والصحيحة


ينبغي استعمال النبرة العادية التي نستخدمها في أَيّ حديث آخر، وذلك كيْ يشعر الطفل من خلال لهجتنا أَنّ الجنس جزء من الحياة العادية، وعلى الأَهل استعمال اصطلاحات واضحة وأَن يسمّوا الشيء باسمه دون استعمال أَلفاظ سوقيَّة.


اعتماد الصحّة في المعلومات


يُفضَّل أَنْ يكون الأَهل صادقين في أَثناء تناول الحديث عن القضايا الجنسيّة. على الوالدين عدم التهرُّب من إعطاء المعلومات المحرَجة بواسطة إعطاء إجابات خاطئة ( مثل أَن يقولوا إِنّ الأَطفال تحضُرهم العصفورة إِلى العائلة!).


إِنّ صحّة المعلومات هي أَمر أَساسيّ في التربية الجنسيّة، إذا لم تتوافر لدينا الإِجابة الصحيحة فمن المفضّل أَنْ نُشارك الطفل بذلك بدل أَنْ نقدّم معلوماتٍ كاذبة.



 
 
 

Commentaires


logo_white.png

مركز الوردية التربوي 

مدرسة راهبات الوردية (الفرع الابتدائي)

شارع جعفر الصادق ١١, القدس.

هاتف: 5784114-02

educenter@rosaryshs-j.com

  • Facebook

Copyright © 2021 All Rights Reserved

bottom of page