top of page
Online Education
بحث

الإدارة الصفية ...من أسس العمليّة التّربويّة

تاريخ التحديث: 4 ديسمبر 2021

تأتي هذه الجولة من المضامين لتُبرز موضوع الإدارة الصفية، وأهميتها لنا كتربويين. فالاعتقاد السائد، هو أن الصّفّ المدرسيّ، مكان غير هادئ ,وتغلب عليه أجواء الإزعاج من الطّلّاب لبعضهم البعض، ولمعلميهم، وإصدار أصوات تعرقل مجريات الدّرس وتعطّل مهام المعلّم، وخططه التّعليميّة، كذلك تأخّر الطّلّاب بالحضور إلى المدرسة ودخول الصّفّ أثناء الدّوام، الدّخول والخروج من الصّفّ بوتيرة عالية، التّحدّث دون إذن، الثرثرة الزّائدة بين الطّلّاب بأمور لا علاقة لها بمجريات الدّرس، وغيرها من الأمور والسّلوكيّات غير المرغوب بها، والّتي تؤدّي عمليًّا إلى إضاعة وقت ثمين من الدّرس تحول دون أن  تكون مهمة التّعليم مجدية وناجعة، تؤثر سلبًا على البيئة التّعليميّة  في الصّفّ، وقد تصل الأمور بنهاية المطاف أيضًا لوضع تآكل وإحباط المعلّم من جراء ما ذكر أعلاه.

مهنة التّعليم دون شك مركّبة، وفيها العديد من التّحدّيات، وتتطلّب من المعلّم أن يتقن ويسيطر على العديد من المجالات ويتحلّى بالعديد من المهارات في آن واحد كي ينجح. فمعرفته للطّالب بشكل عميق ضروريّة، حيث أن معرفة الطّالب وفهم سلوكه وطباعه يساعدنا أحيانًا بفهم العلاقة بين تصرفاته، وبين الخلفيّة الاجتماعيّة، والعاطفيّة، وحتّى تحصيلاته المتدنّية إذا كانت كذلك، وقدرته على مراعاة الفروقات الفرديّة بين طلّابه، وحاجة المعلّم للتّحضير المسبق، وتخطيط سيرورة التّعليم، وضرورة التّنويع بأساليب التّدريس، كذلك التّواصل والاتّصال المستمرّ مع الطّلّاب وذويهم ,وضبط الصّفّ وإدارة المشاكل الصّفّيّة ومعالجتها ,وإدارة عمل الطّلّاب ومسؤوليّة المتابعة للأنظمة، والقوانين الصّفّيّة، والكثير الكثير من المتطلّبات...

 رغم كلّ ذلك كانت ولا زالت وستبقى مهنة قيّمة، تحمل رسالة، وتتعدّى حدودها تعليم المادّة إلى حدود تطوير الإنسان.

الإدارة الصّفّيّة وأهميّتها:

المألوف والدارج أنّ الإدارة الصّفّيّة تبت بمتابعة، ومعالجة إشكاليات الانضباط الصّفّيّ وترتيب الصّفّ، وجلوس الطّلّاب، ولكن هنالك جوانب أخرى تندرج تحت عنوان الإدارة الصّفّيّة وتستوجب الوقوف عندها، والتّطرّق إليها، لتمنحنا تعريفًا أشمل، وأبعاد أكثر لمفهوم الإدارة الصّفّيّة ومنها: الخطّة التّعليميّة، أساليب التّدريس، مدى دافعيّة التّعلّيم عند المعلّم، خلق بيئة وأجواء تعليميّة تعزّز الطّلّاب وتزيد من دافعيتهم نحو التّعلّيم. كلّ ذلك إلى جانب إدارة قضايا السّلوك، والانضباط الصّفّيّ وتذويت الأنظمة، والقوانين الصّفّيّة عند الطّلّاب واتّباعها. فالتّنظيم السّليم للصّفّ، هو بمثابة خطوة مهمّة وضروريّة لضمان بيئة وأجواء تعليميّة ناجحة، بالإضافة إلى إدارة مهام ونشاطات، وخطّة الصّفّ التّعليميّة يتيح بدون شكّ إدارة وقت ناجعة. كما لا يمكن التّغاضي عن الحاجة الدّائمة في الاتّصال والتّواصل مع الطّلّاب والإصغاء لهم ولحاجاتهم وبذل الجهد في تلبيتها قدر المستطاع، وتشجيع وتعزيز الطّلّاب على السّلوكيّات الحسنة وعلى بذل مجهودهم في التّعلّيم ضمن قدراتهم، مع مراعاة الفروقات الفردية، وغير ذلك... كلّ هذه الأمور ستلعب الدّور الكبير في تحسين البيئة الصّفّيّة، الأمر الّذي سينعكس ايجابيًّا على الطّلّاب وعلى المعلّم وحتّى على المدرسة بشكل عام.

تتطرق الأدبيّات بهذا السّياق إلى الأساليب والطّرق الّتي استعان بها المعلّمين لكي يضمنوا تعليم وسلوك سليم عند طلّابهم، حيث زادوا من متابعة طلّابهم، وتوجيههم وتحمّل المسؤوليّة تجاه طلّابهم في الصّفّ، الاتّصال والتّواصل بين طلّابهم أنفسهم، لدرجة أنّهم تنبّؤوا ونجحوا بتأطير وتحديد الإشكاليّات قبل تفاقمها، تدخلوا، وعالجوها بالشّكل المناسب. كما تبيّن أن هؤلاء المعلّمين لهم "عيون في الظّهر" لتوضيح مدى اطّلاعهم ومعرفتهم الواسعة لما يدور في صفوفهم وبين طلّابهم، مثل هذه الأمور وغيرها من إدارة ناجعة للصّفّ تجعل من الدّرس ومجرياته ناجعة ومفيدة، ولا تتعارض هنا السّلوكيّات، والإدارة الصّفّيّة السّليمة مع تعليم وتحصيلات الطّلّاب التّعليميّة، بل بالعكس. عند التّركيز على طلّاب الصّفّ، نجد على الأغلب أنّ الصّفّ غير المتجانس وفيه من الطّلّاب ممّن يعانون ويشكون تجارب الفشل والإخفاق التّعليميّ والتّحصيلات المتدنّية، يتلو ذلك ببعض الأحيان خلفيّات وإشكاليّات أسريّة متعدّدة المشاكل، فنجد أنّ وجودهم في الصّفّ، والمدرسة هو بمثابة فشل مُسبق. لذلك يتطلّب منّا الأمر أن نكون حسّاسين أكثر لحاجاتهم وفهمها، وأن نحاول فهم وتحليل طباعهم وسلوكهم، فطباعهم وسلوكهم مليء بالمشاكل والاضطرابات، فنرى أنّ الطّالب يحضر عادة لصفّه ودوامه حاملًا معه همومه وترسّبات وتراكمات ظروفه، وحياته.

الأنظمة والقوانين، أبعادها والمقصود منها:

مهم أن نحدّد ونوضّح ومع طلّابنا الأنظمة، والقوانين الصّفّيّة، وأن يكونوا شركاء بصياغتها، وان نناقش المبدأ، والمنطق من وراء هذه الأنظمة، والقوانين. يلي ذلك متابعة، ومواكبة هذه الأنظمة، وليكن هناك ثواب وعقاب تربويّ واضح ضمن بنود الإخلال بهذه الأنظمة والقوانين، وأن يكون محددًا مسبقًا، وأن يوقّع الطّلّاب مثلًا على ميثاق الأنظمة، والقوانين الصّفّيّة كنوع من المسؤوليّة الجماعيّة.

التّعزيز قدر المستطاع للتّصرّفات، والسّلوكيّات الإيجابيّة، والمبادرات الصّفّيّة لصالح الصّفّ والطّلّاب، حتّى على حساب تجاهل تصرفات غير سليمة، شرط أن تكون عابرة ويرافقها توضيح وشرح لتفاديها بالمرّات القادمة.

دعوة الطّالب لجلسة فرديّة بحالة تجاوز الأنظمة والقوانين بشكل متكرّر ومبالغ فيه، والبتّ في الأمر معه، واتّخاذ الإجراءات المناسبة، ولا يتعارض ذلك مع محاولة فهم الدّافع لتصرفه، وانتهاز فرصة الحديث معه، والتّقرّب لعالمه من أجل مساعدته وتعزيزه بعدم تكرار ذلك.

أهمية الفصل ما بين الطّالب كإنسان، وما بين التّصرّف الصادر عنه، مع ضرورة عدم التّعميم. (لم يروق لي تأخيرك عن الدّوام الصّباحيّ، ومع ذلك أنا مسرور أنّك وصلت! احترمك ولكن لا أقبل تصرّفك هذا!)

مهم أن يشعر الطّالب بالأمان في صفّه، ومدرسته، وأن نبث له ذلك (أنا هنا من أجلك، أنا أتفهّمك وأتفهّم أنّه صعب بالنّسبة لك ...انتبهت لمحاولاتك ولمجهودك ....)

أن نحاول كتربويين بأن نبذل جهدنا قدر المستطاع من تفادي الانتقاد، وتوجيه الملاحظات الشّخصيّة تحديدًا للطّالب أمام كلّ طلّاب الصّفّ، فإنّ حِفظ الخصوصيّة رغم إشكاليّة الموقِف، ورغم تصرّف الطّالب، يمكن أن تجعل ردّة الفعل من جهة الطّالب عكسيّة بمعنى "إيجابيّة " وذلك عند استدعائه لحديث جانبيّ، فإنّ فرصة جيدة لحديث إيجابيّ معه قد تؤثّر فيه، عندما منعنا إحراجه أمام طلّاب الصّفّ عامّةً.

السّماح للطّالب أن يختار. بحالة سمحت الإمكانيات والظروف لذلك، خاصة إذا كان يعرقل مجريات وسيرورة الدّرس (صعب أن أستمرّ بالتّعليم بهذا الإزعاج من مكان جلوسك ... يمكنك أن تختار مكان جلوس آخر ... فماذا تختار؟)

مع كل المحبة لطلّابنا، ولكن بحالة تقرر اتّخاذ إجراء معيّن بحقّ طالب قد تجاوز وخالف الأنظمة والقوانين، أن يكون هناك إلزام، وإصرار على تنفيذ الإجراء، ومتابعته بعد ذلك.  كل ذلك حفاظًا واحترامًا، ومسؤوليّة لما تمّ الاتّفاق عليه في ميثاق الأنظمة الصّفّيّة، ولكي تكون هناك مصداقيّة مستقبليّة، ونفوذ لهذه الأنظمة والقوانين.

أهميّة التّأكيد والتّوضيح للطّالب انّ الإجراء أو العقاب التّربويّ بحقه بحالة الإخلال بالأنظمة المدرسيّة، هي نتيجة مخالفة ارتكبها. حتّى يغيّر من تصرفه وسلوكه، ولتكن بعد ذلك بحالة تم إبعاده، وحال عودته جلسة تربويّة تتناول ما حصل معه، وما إذا قد استخلص العبر، وكيف يتوقّع من نفسه التّصرّف والسّلوك، وما يتوقعه منه مربّي الصّفّ، أو معلّم المادّة مستقبلًا، كي لا يتكرّر مثل هذا السّلوك.

ضرورة وأهميّة إعلام الأهل، وشراكتهم بخصوص ابنهم، من منطلق اهتمام المعلّم والمدرسة بابنهم، وتعزيز التّعاون والتّواصل بين الطّرفين خاصة إذا تكرّرت مثل هذه السّلوكيّات المخلة بالنّظام.

توصيات ونصائح لإدارة صفّيّة ناجعة

    " حقيقة تعريف سلوك الطّالب كمزعج ومُخلّ بالنّظام، تقول الكثير ليس فقط عن الطّالب، وإنّما عن سلّم القيم لدى المعلّم، وشخصيّته وأساليب تعليمه وإدارته "

لذلك فإنّ تبنّي هذه التّوصيات أو بعض منها، سيجعل من دور، وإدارة المعلّم كتربويّ لصفّه وطلّابه عامل وعنصر النّجاح الأساسيّ:

التّوجّه الإيجابيّ حتّى في مواقف وردود فعل سلبيّة من قبل الطّالب (التّركيز على القدرات الّتي يملكها، وليس على ما يفتقده).

طاقات إيجابيّة، وحيويّة عالية نبثها للطّلّاب، بعكس الإحباط، والتّعب...

روح الفكاهة: نحن والطّلّاب لسنا أعداء، روح الفكاهة لا تتعارض مع حزم المعلّم تجاه طلّابه.

الإبداع: تجارب جديدة بأساليب تعليميّة متنوّعة، غنيّة غير اعتياديّة من شأنها أحيانًا أن تبرز طلّاب ضعفاء ومنفصلين عن الصّفّ، وتمنحهم أدوارًا جديدة في الصّفّ وحياة المدرسة.

توقّعات إيجابية وتوجّه إيجابيّ من البداية، بناء ثقة، والإيمان بالطّالب الإنسان .

جهاز علاقات إيجابيّ: فالطّالب يميّز من يكون معه بعلاقات صادقة، ومن يتعامل معه عن ظهر قلب، فبناء الثّقة يمنع من تحوّل الطّالب إلى خصم في المدرسة.

متابعة شؤون الطّالب حتّى في مواقفه السّلبيّة، فهذا يدلّ على شعور الاهتمام، ويوضّح الحدود في التّعامل.

جلسات فرديّة وجماعيّة (محاورة الطّلّاب، منح فرص التّفريغ والتّعبير..)


علينا أن نقول للطّالب ماذا عليه أن يعمل، وليس فقط ما الممنوع منه أن يعمله ..!!

إذا أردنا أن يتصرفوا معنا باحترام، فليس لدينا سوى أن نتعامل معهم باحترام (نحن نملك القدرة والسّيطرة على أنفسنا أكثر منهم).

ضرورة وحاجة المعلّم من الاستكمال، والتّطوّر المهنيّ لما فيه مردود إيجابيّ له ولطّلّابه ولمدرسته.




 
 
 

コメント


logo_white.png

مركز الوردية التربوي 

مدرسة راهبات الوردية (الفرع الابتدائي)

شارع جعفر الصادق ١١, القدس.

هاتف: 5784114-02

educenter@rosaryshs-j.com

  • Facebook

Copyright © 2021 All Rights Reserved

bottom of page